كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



ويقال: قد جاءهم بعض ذلك في الدنيا، وهو القتل والقهر والغلبة.
قوله عز وجل: {أَوَ لَمْ يَرَوْاْ إِلَى الأرض} يعني: أو لم ينظروا في عجائب الأرض، ويتفكروا فيها {كَمْ أَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلّ زَوْجٍ بَهِيجٍ كَرِيمٌ} يعني: من كل نوع من النبات.
ويقال: من كل لون حسن.
وقال القتبي: الكريم يقع على الأنواع، والكريم الشريف الفاضل.
قال الله تعالى: {يا أيها الناس إِنَّا خلقناكم مِّن ذَكَرٍ وأنثى وجعلناكم شُعُوبًا وَقَبَآئِلَ لتعارفوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ الله أتقاكم إِنَّ الله عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات: 13] {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِى ءَادَمَ وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم مِّنَ الطيبات وفضلناهم على كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا} [الإسراء: 70] {فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُلْ حَسْبِىَ الله لا إله إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ العرش العظيم} [التوبة: 129] {إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سيئاتكم وَنُدْخِلْكُمْ مُّدْخَلًا كَرِيمًا} [النساء: 31] {قَالَتْ يا أيها الملأ إنى أُلْقِىَ إِلَىَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ} [النمل: 29] أي شريف فاضل، والكريم الصفوح، وذلك من الشرف كما قال: {قَالَ الذي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الكتاب أَنَاْ ءَاتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَءَاهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُ قَالَ هذا مِن فَضْلِ رَبِّى ليبلونى أَءَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّى غَنِىٌّ كَرِيمٌ} [النمل: 40] {يا أيها الإنسان مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الكريم} [الانفطار: 6] أي الصفوح، والكريم الكثير كما قال: {أولئك هُمُ المؤمنون حَقًّا لَّهُمْ درجات عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} [الأنفال: 4] أي: كثير، والكريم الحسن كما قال: {أَوَلَمْ يَرَوْاْ إِلَى الأرض كَمْ أَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ} [الشعراء: 7] أي: حسن {وقضى رَبُّكَ أَلاَّ تعبدوا إِلاَّ إياه وبالوالدين إحسانا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الكبر أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا} [
الإسراء: 23] أي: حسنًا.
وروي عن الشعبي أنه قال: كم أنبتنا فيها.
يعني: بني آدم، فمن دخل الجنة، فهو كريم، ومن دخل النار، فهو لئيم.
ثم قال عز وجل: {إِنَّ في ذَلِكَ لآيَةً} يعني: في اختلاف النبات وألوانه {لآيَةً} يعني لعبرة لأهل مكة أنه إله واحد ثم قال: {وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُّؤْمِنِينَ} يعني: مصدقين بالتوحيد ولو كان أكثرهم مؤمنين يعني: وما كانوا مؤمنين بل كلهم كافرين {وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ العزيز} يعني: المنيع بالنقمة لمن لم يجب الرسل {الرحيم} حيث لم يعجل بعقوبتهم.
ويقال: رحيم بالمؤمنين.
قوله عز وجل: {وَإِذْ نادى رَبُّكَ موسى} يعني: اتل عليهم إذ نادى ربك موسى كما قال: {واتل عَلَيْهِمْ نَبَأَ إبراهيم} وقال مقاتل: إذ نادى ربك موسى، يعني: أمر ربك يا محمد لموسى {أَنِ ائت القوم الظالمين} يعني: اذهب إلى القوم المشركين {قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلا يَتَّقُونَ} قال مقاتل: يعني قل لهم ألا تتقون عبادة غيره وتوحدونه.
ويقال: {أَلا يَتَّقُونَ} يعني: ألا تعبدون الله تعالى {قَالَ} موسى {رَبّ} أي: قال يا رب {إِنّى أَخَافُ أَن يُكَذّبُونِ} بما أقول {وَيَضِيقُ صَدْرِى} إذا كذبوني في رسالتك {وَلاَ يَنطَلِقُ لِسَانِى} لمهابته.
قرأ يعقوب الحضرمي، {وَيَضِيقُ صَدْرِى وَلاَ يَنطَلِقُ} كلاهما بنصب القاف، وجعله نصبًا بأن.
ومعناه: أخاف أن يكذبون، وأن يضيق صدري، وأن لا ينطلق لساني.
وقراءة العامة بالضم على معنى الاستئناف.
ثم قال: {فَأَرْسِلْ إلى هارون} يعني: أرسله معي لكي يكون عونًا لي في أداء الرسالة.
ثم قال: {وَلَهُمْ عَلَىَّ ذَنبٌ} يعني: قصاص بقتل القبطي {فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ} به قال القتبي: على معنى عندي، أي لهم عندي ذنب {قَالَ} الله تعالى {كَلاَّ} أي لا تخف.
وقال الزجاج: كلا رَدْعٌ وتنبيه، أي: لا يقدرون على ذلك {فاذهبا بآياتنا} خاطب به موسى خاصة بأن يذهب مع أخيه إلى فرعون بآياتنا التسع {إِنَّا مَعَكُمْ مُّسْتَمِعُونَ} يعني: سامعين، وقد بيّن ذلك في موضع آخر وهو قوله: {قَالَ لاَ تَخَافَآ إِنَّنِى مَعَكُمَآ أَسْمَعُ وأرى} [طه: 46] والاستماع سبب للسمع فيعبر به عنه.
قوله عز وجل: {فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولا إِنَّا رَسُولُ رَبّ العالمين} يعني: موسى وحده، ويضاف الشيء إلى اثنين، ويراد به الواحد.
وقال القتبي: الرسول يكون بمعنى الجمع، كما يكون الضيف بمعنى الجمع.
{قَالَ إِنَّ هؤلاءاء ضَيْفِى فَلاَ تَفْضَحُونِ} [الحجر: 68].
وقال أبو عبيدة: رسول بمعنى رسالة.
ويقال رسول: يعني: به رسولين كقوله: {فَأْتِيَاهُ فقولا إِنَّا رَسُولاَ رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بنى إسراءيل وَلاَ تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جئناك بِأايَةٍ مِّن رَّبِّكَ والسلام على مَنِ اتبع الهدى} [طه: 47] فقال: {إِنَّا رَسُولُ رَبّ العالمين} {أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِى إسراءيل} يعني: قل لفرعون ذلك، ولم يذكر إتيانه إلى فرعون، لأن في الكلام دليلًا عليه.
وقد بيّن في موضع آخر حيث قال: {فَلَمَّا جَاءَهُم موسى بأاياتنا بينات قَالُواْ مَا هاذآ إِلاَّ سِحْرٌ مُّفْتَرًى وَمَا سَمِعْنَا بهذا في ءَابَآئِنَا الاولين} [القصص: 36] وقال مقاتل: {إِنَّا رَسُولُ رَبّ العالمين} وانقطع الكلام، ثم انطلق موسى، وكان هارون بمصر، فانطلقا إلى فرعون قال مقاتل: فلم يأذن لهما سنة ثم أخبر البواب فرعون أن هاهنا إنسانًا يذكر أنه رسول رب العالمين فقال: ائذن له لعلنا نضحك منه.
وقال السدي: لما أتى باب فرعون ضرب موسى عليه السلام عصاه على الباب، ففزع فرعون من ذلك، فأذن له في الدخول من ساعته، فلما دخل عليه عرفه، فأدى الرسالة فقال له فرعون: {قَالَ أَلَمْ نُرَبّكَ فِينَا وَلِيدًا} قال الفقيه أبو الليث رحمه الله: أول ما بدأ فرعون بكلام السفلة، ومنَّ على نبي الله صلى الله عليه وسلم أنما أطعمه.
فقال: {أَلَمْ نُرَبّكَ فِينَا وَلِيدًا}.
يعني: ألم تكن صغيرًا قد ربيناك {وَلَبِثْتَ فِينَا} يعني: مكثت عندنا {مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ} يعني: ثلاثين سنة {وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ التي فَعَلْتَ} يعني: قتلت النفس التي قتلتها.
وقرأ في الشاذ: {فَعْلَتَكَ} بكسر الكاف هي قراءة الشعبي، وقراءة العامة بالنصب، والنصب يقع على فعل واحد، والكسر على المرات.
يعني: قتلت مرة، وهممت بالقتل ثانيًا ثم قال: {وَأَنتَ مِنَ الكافرين} بنعمتي.
ويقال: كفرت بي، حيث قتلت النفس.
ويقال: وأنت من الجاحدين للقتل.
يعني: لم تقر بالقتل، فأخبره موسى أنه غير جاحد للقتل {قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا} يعني: قتلت النفس {وَأَنَاْ مِنَ الضالين} عن النبوة كقوله: {وَوَجَدَكَ ضَآلًا فهدى} [الضحى: 7] ويقال: من الجاهلين ولم أتعمد القتل.
قال القتبي: أصل الضلالة العدُول عن الحق، ثم يكون لمعاني منها النسيان، لأن الناسي عادل عنه، فكما قال هاهنا {فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَاْ مِنَ الضالين} أي: من الناسين وكما قال: {يا أيها الذين ءامنوا إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إلى أَجَلٍ مُّسَمًّى فاكتبوه وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُم كَاتِبٌ بالعدل وَلاَ يَأْبَ كَاتِبٌ أَن يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ الله فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الذي عَلَيْهِ الحق وَلْيَتَّقِ الله رَبَّهُ وَلاَ يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإن كَانَ الذي عَلَيْهِ الحق سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لاَ يَسْتَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بالعدل واستشهدوا شَهِيدَيْنِ مِّن رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وامرأتان مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشهداء أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الاخرى وَلاَ يَأْبَ الشهداء إِذَا مَا دُعُواْ وَلاَ تسأموا أَن تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إلى أَجَلِهِ ذلكم أَقْسَطُ عِندَ الله وَأَقْوَمُ للشهادة وأدنى أَلاَّ ترتابوا إِلاَ أَن تَكُونَ تجارة حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلاَّ تَكْتُبُوهَا وأشهدوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلاَ يُضَآرَّ كَاتِبٌ وَلاَ شَهِيدٌ وَإِن تَفْعَلُواْ فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ واتقوا الله وَيُعَلِّمُكُمُ الله والله بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [البقرة: 282] ثم قال عز وجل: {فَفَرَرْتُ مِنكُمْ} يعني: هربت منكم إلى مدين {لَمَّا خِفْتُكُمْ} على نفسي أن تقتلوني {فَوَهَبَ لِى رَبّى حُكْمًا} قال الكلبي: يعني النبوة.
وقال مقاتل: يعني العلم والفهم، {وَجَعَلَنِى مِنَ المرسلين} إليكم.
ثم قال عز وجل: {وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَىَّ أَنْ عَبَّدتَّ بَنِى إسراءيل} يعني: أو كان هذا نعمة تمنها علي أن عبدت بني إسرائيل، فكأنه أنكر عليه.
فقال: كيف تكون نعمتك التي تمن علي؟ فإنك قد عبدت بني إسرائيل، أي استعبدتهم، وتمن علي.
ويقال: قد اعترف له بالنعمة.
فقال: وتلك نعمة تمن علي حيث عبدت بني إسرائيل، ولم تعبدني.
ويقال: معناه تلك نعمة، إنما صارت نعمة بتعبيدك بني إسرائيل، ولم تعبدني، لأنك لو لم تعبدهم لم تجعلني أمي في التابوت حتى صرت في بيتك، ولكن إنما صارت نعمة لأجلك، حيث عبدت بني إسرائيل.
وقال مقاتل: وتلك نعمة تمنها علي يا فرعون بإحسانك إلي خاصة، وبترك أبنائك أن عبدت بني إسرائيل.
وقال الكلبي يقول: تستعبد بني إسرائيل، وتمن علي لذلك {قَالَ فِرْعَوْنُ} لموسى {وَمَا رَبُّ العالمين} منكرًا له، وهذا جواب لقوله: {إِنَّا رَسُولُ رَبّ العالمين} فجاء بجواب قطع حجته {قَالَ رَبّ السموات والأرض وَمَا بَيْنَهُمَا إِن كُنتُمْ مُّوقِنِينَ} بتوحيد الله تعالى، فعجز فرعون عن الجواب {فَقَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلاَ تَسْتَمِعُونَ} إلى قول موسى عليه السلام قالوا له فيما تقول يا موسى؟ فجاء بحجة أُخرى ليؤكد عليهم {قَالَ رَبُّكُمْ} يعني: أدعوكم إلى ربكم {وَرَبُّ ءابَائِكُمُ الاولين} يعني: إلى توحيد خالقكم وخالق آبائكم الأولين {قَالَ} فرعون لجلسائه {إِنَّ رَسُولَكُمُ الذي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ قَالَ} موسى عليه السلام ليس بمجنون مثلي أدعوكم إلى {رَبُّ المشرق والمغرب وَمَا بَيْنَهُمَا إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ} يعني: إن كان لكم ذهن الإنسانية، فلما عجز عن الجواب، مال إلى العقوبة كما يفعل السلاطين {فَقَالَ لَئِنِ اتخذت إلها غَيْرِى} يعني: لئن عبدت ربًا غيري.
{لاجْعَلَنَّكَ مِنَ المسجونين} يعني: لأحبسنك في السجن.
قال ابن عباس: وكان سجنه أشد من القتل {قَالَ} موسى {أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشيء مُّبِينٍ} يعني: ولو جئتك بحجة بينة يستبين لكم أمري {قَالَ} فرعون {فَأْتِ بِهِ} يعني: فَأَرِنَاهُ {إِن كُنتَ مِنَ الصادقين} بأنك رسول {فألقى عَصَاهُ} من يده {فَإِذَا هي ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ} يعني: حية صفراء من أعظم الحيات {وَنَزَعَ يَدَهُ} يعني: أخرج يده فقال: ما هذه؟ فقالوا: يدك، فأدخلها في جيبه وأخرجها {فَإِذَا هي بَيْضَاء للناظرين} يعني: لها شعاع كشعاع الشمس، وانتشر الضوء حوالي مصر للناظرين لمن نظر إليها من غير برص، فعجبوا من ذلك.
قوله عز وجل: ف {قَالَ لِلْمَلإِ حَوْلَهُ إِنَّ هذا لساحر عَلِيمٌ} يعني: قال فرعون لمن حوله يعني: الرؤساء والأشراف، وأصله في اللغة من ملأ.
قال بعضهم: الملأ إنما بما يراد بهم مائتان وخمسون، وقال بعضهم: ثلاثمائة وخمسون، وهم جماعة الملأ.
ويقال: ملأ العين هيبة يعني: إذا نظر إليها الناظر، ثم قال: {إِنَّ هذا لساحر عَلِيمٌ} {يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُمْ مّنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ} يعني: من أرض مصر {فَمَاذَا تَأْمُرُونَ} يعني: تشيرون {قَالُواْ أَرْجِهْ وَأَخَاهُ} يعني: احسبهما وأخرجهما ولا تقتلهما، ولا تؤمن بهما وأصله من التأخير يعني: أخر أمرهما حتى تنظر {وابعث في المدائن حاشرين} يحشرون عليك السحرة {يَأْتُوكَ بِكُلّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ} يعني: حاذقًا {فَجُمِعَ السحرة لميقات يَوْمٍ مَّعْلُومٍ} وهو يوم عيد لهم، وهو يوم الزينة.
قال مقاتل: وكانوا اثنين وسبعين ساحرًا.
ويقال: سبعون ألفًا.
وقال الزجاج: ذكر أن السحرة كانوا اثني عشر ألفًا {وَقِيلَ لِلنَّاسِ} يعني: أهل مصر {هَلْ أَنتُمْ مُّجْتَمِعُونَ} للسحرة للميعاد {لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ السحرة} على أمرهم {إِن كَانُواْ هُمُ الغالبين}.
قوله عز وجل: {فَلَمَّا جَاء السحرة} يعني: إلى الميقات {قَالُواْ لِفِرْعَوْنَ إِنَّ لَنَا لاجْرًا} يعني: لجعلًا {إِن كُنَّا نَحْنُ الغالبين} يعني: أتجازينا إن غلبناه {قَالَ نَعَمْ} نجازيكم {وَإِنَّكُمْ إِذًا لَّمِنَ المقربين} يعني: لكم مع الجائزة الكرامة والمنزلة عندي {قَالَ لَهُمْ موسى أَلْقُواْ مَا أَنتُمْ مُّلْقُونَ} يعني: اطرحوا {فَأَلْقَوْاْ حبالهم وَعِصِيَّهُمْ وَقَالُواْ إِنَّا لَنَحْنُ الغالبون} يعني: نغلب موسى {فألقى موسى عصاه فَإِذَا هي تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ} يعني: تلتقم وتبتلعُ ما يطرحون من الحبال والعصي قوله عز وجل: {فَأُلْقِىَ السحرة ساجدين} أي خروا سجدًا لله تعالى {قَالُواْ ءامَنَّا بِرَبّ العالمين} فقال فرعون: إياي تعنون قالوا: {رَبّ موسى وهارون} يعني: خالق موسى وهارون {قَالَ ءامَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ ءاذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الذي عَلَّمَكُمُ السحر فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ} ماذا أصنع بكم؟ {لأقَطّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مّنْ خِلاَفٍ وَلاَصَلّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ} على شاطىء نهر مصر {قَالُواْ} يعني: السحرة {لاَ ضَيْرَ} أي لا يضرنا ما فعلت بنا {إِنَّا إلى رَبّنَا مُنقَلِبُونَ} يعني: إلى خالقنا راجعون {إِنَّا نَطْمَعُ} يعني: نرجو {أَن يَغْفِرَ لَنَا خطايانا} يعني: شركنا وسحرنا {أَن كُنَّا أَوَّلَ المؤمنين} يعني: أول المصدقين من قوم فرعون وذكر عن الفراء أنه قال: كانوا أول مؤمني أهل دهرهم.
وقال الزجاج: لا أحسبه عرف الرواية، لأن الذين كانوا مع موسى روي في التفسير أنهم ستمائة ألف وسبعين ألفًا، ولكن معناه أول من آمن في هذه الساعة. اهـ.